رواية زينب كاملة للكاتبة منة فوزي
المحتويات
التعليمات..
كانت شهد و سمر فالمطبخ ينهيان بعض الاعمال حين دخلت عليهم صاحبة الوجه المألوف لشهد..انها زوزو
زوزو شهد عاملة ايه يا حبيبتي انا قابلت يوسف من شوية في الشارع و وصاني عليكي..
شهد فور ان سمعت اسم يوسف هو جاي
زوزو اكيد ..بيجي هنا كل يوم.. المهم انتي مرتاحة ثم نظرت الي مندو وقالت باستهزاء الواد مندو شايف نفسه عليكي..قوليلي وانا اظبطهولك
اطلقت زوزو ضحكة مائعة لتزيد غيظه
اتلهي علي عينيك.. جاتو خيبة عطا اللي عملك علينا بني ادم..
وخرجت و هي تضحك بينما كاد مندو ان ينفجر فصاح فجأة في سمر وشهد متنحين في ايه يا بت منك ليها!! يلا.. مش عايز لكاعة..
فردت شهدبراحة بس علي نفسك احسن الزعيق و الحزق ده بيجيب بواسير
شهد انا غلطانة اني بقولك اللي فيه المفيد.. لما بعد كده تمشي بقاعدة في ايدك مطرح مطروح ابقي افتكرني
انفلتت من سمر ضحكة مكتومة ثم ما لبثت ان تحولت الي نوبة من الضحك الصامت..
ركل مندو الكرسي بقدمه و قال و هو يخرج غاضبا مخصوم منكوا تلات تيام وديني لا اوريكوا
فنبادلا حديث تعارف و اخبرتها شهد نفس قصة جو عن ابوها الذي ماټ ووصاه عليها قبل مۏته.. كانت سمر طيبة و مرحة و قد شعرت شهد بالارتياح لها بعكس زوزو برغم ما تبدي ناحية شهد من ترحاب و مجاملة..
وبذكرها عادت مرة اخري لتصنع لنفسها كوب من الشاي و جلست تحتسيه بينما تتحدث مع شهد التي استمرت في العمل مع سمر
شهد وقد فاجاها السؤال لا ممنعنيش..هو بس خاېف عليا يعني..اكمن ابويا وصاه عليا وكده
زوزو خاېف من ايه يا عبيطة دي شغلانة فلوسها حلوة و من غير تعب ..يعني عاجبك الي انتي فيه ده
سمر يا زوزو انزلي من علي ودن البت.. ما يمكن الجدع خاېف عليها فعلا..يعني تنكري البلاوي اللي بتشوفوها كل يوم.
لم تملك شهد تبريرا اخر فتظاهرت بالموافقة.. وكم تمنت لو انها تستطيع ذلك فعلا...
وبعد ان انصرفت زوزو اقتربت سمر من شهد وهما واقفتان امام حوض تغسلان بعض الصحون وقالت بصوت خفيض زوزو تبان جدعة.. بس خلي بالك مصلحتها فبل اي حاجة.. ولما تزن في حاجة يبقي ليها مصلحة فيها..
شهد باستنكار طب و ده علاقته ايه بأنها بتزن عليا عشان اطلع معاهم
سمر معرفش.. انا قلت اقولك بس متسلميش دماغك ليها من غير تفكير.. خلي بالك ان قعادك عنده اكيد مركبها مېت عفريت خصوصا ان جو عمره لا اشتري و احدة و لا حتي صاحب واحدة.. وجودك عنده مش مفهوم..
صمتت شهد فقد اربكها ما سمعت و لم تعرف لم
وصلت سيارة الخاوجة امام محل عطا و نزل منها الخواجة و رجاله ومنهم جو و دخلوا الي جميعا و سط ترحاب عطا الشديد..
مسح جو المكان بناظريه كالمعتاد فهي طبيعه عمله.. و لكنه ايضا كان يبحث عن شهد.. ها قد بدانا منذ الثانية الاولي لوجوده وقد بدأ ينشغل بها.. نفض عن رأسه وجودها ونجح في التركيز تماما مع عمله الاساسي وهو حماية الخواجة.. جلس علي المائدة مع الرجال و قد طلب الخواجة عشاء فاخرا للجميع بينما هو في انتظار اشخاص هامة اتية لحضور اجتماع..
كانت الموسيقي تدوي والفتيات بدأن في الصعود علي اماكنهم العالية في اركان المكان لاحظ يوسف و جود زوزو وانها تشير له فاشار لها مما اثار الهمزات و الضحك بين الرجال علي الطاولة و تعليقات علي غرار ماشي يا عم الله يسهله ضحك معهم ثم توجه للحمام مارا بباب المطبخ ففتحه و اطل برأسه ليري سمر و شهد منحيات تقومان بمسح ارضية المطبخ الشاسعة بينما و قف الطباخ منهمكا امام الموقد و مندو يجلس علي الكرسي يتابعهما..
يوسف شهد..
التفتت شهد في لهفة و قامت و هي تمسح يديها في ملابسها و توجهت اليه قائلة جو..
فقط! اهذا ما قطعت مسافة طول المطبخ لتقوله له!..كادت ان تقول خدني من هنا الا انها ابت ان تكون تلك الطفلة التي تمسك بذيل امها حتي تحملها..
رمق مندو بنظرة طويلة و ثم قال لها مرتاحة حد مضايقك
اومأت براسها و قالت ماحدش يقدر يضايقي! والقت بنظرتها الڼارية الي مندو الذي انزل رجله من علي الاخري وقال انت ايه الي مدخلك هنا يا جو.. اتفضل علي ترابيزك.. و طلباتك هتجيلك لحد عندك.. هنا للي بيشلغوا بس
لم يعطيه جو اهتماما و قال لشهد لو عزتي حاجة انا برة..
اومأت برأسها و عادت لتنحني مرة اخري و تقوم بالمسح..بقي جو واقفا لبرهة يتابعها و يتابع مندو الذي بدا متوترا لوجوده ثم خرج متوجها مباشرة لعطا..
عطا باشا..اطمنت عليها
جو هو مندو قاعدلهم كده ليه
عطا مش فاهم
جو يعني ميصحش.. عمالين يوطوا يمسحوا و يتحركوا وهو قاعد
دابب عينه فيهم.. فين الډم
عطا متزعلش مني يا جو..بس الحتة دي مش بتاعتك.. مندو بيعد يتأكد انهم شغالين تمام و مش بيشتغلوا لكلكة و طلسئة.. كده انت بتدخل في شغلنا.. و بعدين مين قالك انه بيبص عليهم ده بيبص علي الشغل.. انت جبت البنت و انا مرفضتلكش طلب.. و هيا في عنيا..انما ملكش دعوة بمندو
لم يكن جو يريد اثارة مشاكل حول شهد حتي لا يفتح الاعين عليها..فاكتفي برد عطا وبرغم من انه رأي بعينه نظرات مندو المستفزة الا انه قرر ان يتغاضي عن الامر
فقال ناهيا الحديث ماشي انا مش هدخل.. بس انا عايزك بس تعرف مندو انا مين واقدر اعمل ايه.. وان شهد تهمني.. لو باقي علي روحه يحترم نفسه معاها
فقال عطا متخفش يا جو.. عيب الكلام ده.. قلتلك البت في عنيا
قبل ان يعود جو لطاولته رجع ثانية للمطبخ و فتح الباب عن اخره وهو يقول الباب ده يفضل مفتوح كده ثم نظر لمندو محذرا لو اتقفل انا هزعل!
وعاد لطاولته مرة اخري الان من مكانه يمكنه رؤية جزء من المطبخ حيث يجلس مندو و بالتالي يمكنه رؤية شهد و هي تمر من امامه كل دقيقة..
ان كنت ستراقبها في جميع االاحوال اما كان من الافضل ان تبقيها في مكان اقرب اليك..هكذا تحدث الي نفسه.. الان بدا العمل مع الراقصات افضل من حيث سهولة المراقبة.. ثم ان..
جو! كان هذا صوت الخواجة بقالي ساعة ماددلك ايدي عايز تليفوني!
اخرج جو هاتف الخاوجة في ثانية من جيبه و اعطاه له قائلا عيني كانت علي حاجة بتأكد منها يا ريس..لامؤاخذة
لم يبد انه سمعه فقد اخذ منه الهاتف و اجري الاتصال دون ان يبد اي رد فعل..
مرت الليلة الاولي لعمل شهد علي خير نجح
جو في ان يتناسي امرها و يبقي تركيزه مع الخواجة..خصوصا اثناء ذلك الاجتماع الذي ضم عدة شخصيات هامة وقد اربكوا المكان بعددهم و عدد رجالهم.. بعد ان انتهي و رحل جو مع الخاوجة وامنه الي البيت..ثم عاد ثانية الي محل عطا ليصطحب شهد للبيت..
في اثناء الاجتماع و بسببه كان المطبخ في حالة من الارتباك و التوتر فجميع الفتيات النادلات يصرخن في بعضهن البعض للحصول علي الطلبات العاجلة و الطاهي يبدو و كان احدا اداره ليعمل
بالسرعة القصوي.. وعطا ومندو يقفان بنهران كل من يبطيء و يحاولان ادارة الازمة.. و في وسط كل هذا كان دور سمر و شهد هو المساعدة في الانجاز فقد كانتا تجريان بين الطاهي و النادلات و ثم تغسلان بضع اواني لاعادة استخدامها... الي اخره من اعمال.. حتي كادت شهد ان تسقط مغشية عليها من الارهاق و التوتر..
ثم ابدا الجو يهداء تدريجيا.. الي ان انتهي الامر مع انتهاء الاجتماع.. فهداء الجميع ..
و مع انتهاء الليلة رحل الطباخ تاركا المطبخ كساحة معركة و بقيت النادلات يرتبن المكان بينما نزلت الفتيات الراقصات منهن من بقيت لتجلس مع اصدقائها من الزبائن القلة الباقيين في انتظارهن ومنهن من رحلت.
امر مندو سمر وشهد بالانتهاء من نظافة المطبخ.. كادت شهد ان تصرخ باكية الا انها وجدت سمر تتوجه للبدء في العمل بدون اعتراض.. ففعلت مثلها علي مضض..
استمر العمل في نظافة المطبخ لمدة حوالي ساعة اخري و ما يزال مندو جالسا يتابعهن..
هو ايه ده! استعباد!! كان هذا صوت يوسف انا من ساعة ما كنت هنا و هما علي نفس الوضع!! ايه مفيش شغلة غير المسح!!
استدارت شهد لتجده يقف محدثا عطا علي باب المطبخ..
عطا ضاحكا لا يا خويا متقلقش خليناها عملت كل حاجة مش مسح بس.. حتي اسألها..
جو انت مفتري يا عم.. كده كتير اوي..
عطا طب ايه رأيك ان سمر كانت بتعمله كله لوحدها..
جو ماهو ده من الافتري بتاعك..
عطا مخاطبا مندو شهد قدامها قد ايه يا مندو.. جو عايز يروح..
مندو ميروح هو حد حايشه!..شهد مش هتمشي غير اما تخلص مع سمر..
تمالك يوسف اعصابه امام سخافة مندو فهو و معتاد علي اسلوبه الجاف الخالي تماما من الكياسة..
عاد يوسف الي الصالة حيث كانت زوزو مازلت موجودة وجلس معها يتضاحكان..
بعد مدة ليست طويلة خرجت شهد من باب المطبخ لتجد جو جالسا في انتظارها مع زوزو.. اقتربت منها
وقالت منك لله! كانت شورتك مهببة..انا مش جاية هنا تاني..ده ولا شغل الفاعل
ضحكت زوزو وقالت مش قلتلك يا حبيتي.. تعالي بكرة معانا احسن..
جو مش تسترجلي كده يا بت..من اول يوم كده فيصتي..
انحنت شهد لتنزل تشميرة ارجل البنطلون.. و هي تكمل الحديث قائلة انا عايزك تقضي يوم زي الي قضيته انا و نشوف ساعتها..هات...
قطع كلامها فجأة صيحة من يوسف و هو ينظر في نقطة ما خلفها متنح في ايه ياد انت مكفاكش بحلقة من الصبح ايه هتقولي برضه بتطمن علي الشغل!!
استدارت شهد لتجد مندو واقفا خلف ماكينة النقود و بيده حفنة من النقود من المفترض انه
يقوم بعدها.. ولكن من الواضح انه لم يكن يفعل حقيقة..
قال مندو پغضب اتمسي يا جو.. ولا هو جر شكل و خلاص..
وضعت زوزو كفها علي صدر ويوسف في محاوله لتهدئته وقالت سيبك منه .. ميستهلش تعكر دمك عشانه..هو كده اخره يبص .. خليه يبص.. ذكاة عنها.. هو يعني اخد منها حتة
فرد يوسف بصوت عال لكي يسمعه مندو الفكرة في الاحترام يا زوزو.. متبقاش هية و اقفة معايا و هو عينه مبتنزلش من عليها.. الناس كلها عارفة .. اللي يبص لواحدة معيا اخرم له عينه..ولا هو جديد في المنطقة!
بالنسبة لشهد كان هذا تفسيرا لظاهرة عدم نظر الرجال اليها و هي تسير مع جو في الطريق..
كانت راضية بشدة عن التهزيق الذي يتلقاه مندو في تلك اللحظة من تحت راسها وكأنها انتقمت منه علي كل ما لاقته منه علي مدار اليوم..في واقع الامر لم تكن تعبأ مثلها مثل زوزو ان حدق مندو في مؤخرتها.. طالما التزم حدوده معها فهي لا تبالي.. لقد اعتادت مثل تلك النظرات فهي في وسط مثل وسط المعلم المرعي حيث تربت كان هذا اخر ما يأتي في قائمة ما يجب ان تقلق بشأنه..
يوسف يلا يا شهد عايز انام.. سلام يا زوزو.. تيجي نوصلك
فقالت زوزو في محاولة ان تثير غيرته لأ.. في واحد معرفة هيعدي دلوقتي.. انا قاعدة مسنياه..
ابتسم يوسف فقد فهم مرادها و قال طب خلي بالك من نفسك.. و ربت علي ظهرها
وسحب شهد من امامها تاركا قفاها يقمر عيش ..
مشي يوسف مع شهد عبر الشارع في الظلام..بالطبع اعمدة الانارة كانت رفاهية لم تحظ بها المنطقة و انوار المحال و البيوت كانت مطفئة فالوقت قارب الفجر.. لم ينطقا بكلمة فكلاهما كان مرهقا جدا و شبه نائما..
ولكن يوسف قطع الصمت وقال انتي فعلا مش هتروحي بكرة لم ترد..
فعاد يقول حد دايقك في حاجة الواد مندو ده انا عارف غتاته.. لو ضايقك انا ممكن..
لم يكمل كلامه لانه سمع صوت ارتطام جسم علي الارض الټفت ليجدها شهد ..كانت فاقدة للوعي..
ولأول مرة في حياته يصاب بالهلع.. لم يكن من الاشخاص الذي قد يهتز لاي سبب..لقد كانت حياته قاسېة بما فيه الكفاية و قد رأي طوال عمره ما يكفي ليجعل منه شخص من الصعب ان يفزع او ېخاف
او يهلع..
ولكنه هلع حقا .. انحني ليتأكد من انها تتفس لم يستطع رؤية وجهها الشاحب في الظلام حملها علي كتفه مثل الشوال..وكأنه جندي يحمل زميله المصاپ اثناء الانسحاب .. وهرع بها الي بيته..
القاها علي السرير و حاول ان يبلل وجهها بالماء.. يرش عطرا.. يشممها بصلا.. افاقت في خلال دقائق فتحت عينها في اعياء و حدقت به و قالت مالك يا يوسف وشك اصفر اوي انت ھتموت ولا ايه
لم يفهم و لكنه ارتاح لكونها تتحدث..
يوسف انتي ايه اللي جرالك كنت بكلمك في امانة الله لقيتك طبيتي ساكتة!!
شهد في احراج شديد اصلي مكلتش من صباحية ربنا.. يمكن هبط
فقام يوسف سريعا و اتي لها بكوب من اللبن من ثلاجته الصغيرة ووضع لها بضع معالق سكر و عاد و هو يقلبه بملعقة قائلا طب اشربي ده.. اللبن كويس.. و السكر هيفوقك..
اطمأن الي انها تشرب و قال وانتي يا بت هبلة.. مكلتيش ليه!!
شعر انها محرجة من الامر فقد اشاحت بنظرها بعيدا.. الامر الذي استفزه..ثم تذكر انها لديها حساسية غير مبررة في ان تأكل او تبدي انها جوعانة.. اهذا ما جعلها تظل بلا طعام طوال النهار حتي اصابها ذلك الهبوط..
فقال يا بنتي البني ادم لازم ياكل.. يعني عايزة تفهميني ان البت اللي معاكي دي مقعدش عشر دقايق تاكل مكلتيش معاها ليه
لم ترد شهد بل استمرت
متابعة القراءة